يقولُ: كانت جماعةٌ من عبادى، وهم أهلُ الإيمانِ باللهِ، يقولون في الدنيا: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا﴾ بك وبرسلِك (١)، وما جاءوا به من عندِك، ﴿فَاغْفِرْ لَنَا﴾ ذُنُوبَنَا ﴿وَارْحَمْنَا [وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾. يقولُ](٢): وأنت خيرُ من رحِم أهلَ البلاءِ، فلا تعذِّبْنا بعذابِك.
والهاءُ والميمُ في قولِه: ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ﴾. من ذكرِ "الفريق".
واختلفتِ القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿سِخْرِيًّا﴾؛ فقرأه بعضُ قرأةِ الحجازِ، وبعضُ أهلِ البصرةِ والكوفةِ: ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾، بكسرِ السينِ (٣)، ويتأوَّلون في كسرِها أن معنى ذلك الهُزْءُ، ويقولون: إنها إذا ضُمَّت، فمعنى الكلمةِ: السُّخْرةُ والاستعبادُ. فمعنى الكلامِ على مذهبِ هؤلاء: فاتخذتم أهلَ الإيمانِ بي في الدنيا هُزُوًا ولعبًّا، تهزءون بهم، حتى أنسَوْكم ذكرى.
وقرأ ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ والكوفةِ: ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾. بضمِّ السينِ (٤)، وقالوا: معنى الكلمةِ في الضمِّ والكسرِ واحدٌ.
(١) في ت ٢: "برسولك". (٢) سقط من: ص، م، ف. (٣) هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وابن عامر. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٤٤٨. (٤) هي قراءة نافع وحمزة والكسائي. المصدر السابق. (٥) هو الكسائي، كما في معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٤٣.