ثم اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في معنى قولِه: ﴿تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾.
فقال بعضُهم: معناه: تمامًا على المُحْسِنين.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾. قال: على المؤمنين (١).
حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾: المؤمنين والمحسنين (٢).
وكأن مجاهدًا وجَّه تأويلَ الكلامِ ومعناه إلى أن الله جلَّ ثناؤُه أَخْبَر عن موسى أنه آتاه الكتابَ فضيلةً على ما آتَى المحسِنين مِن عبادِه.
فإن قال قائلٌ: فكيف جاز أن يقالَ: ﴿عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾. فَيُوَحِّدُ ﴿الَّذِي﴾، والتأويلُ: على الذين أحسَنوا؟
قيل: إن العربَ تَفْعَلُ ذلك خاصةً في "الذي" وفي الألفِ واللامِ، إذا أرادت به الكلَّ والجميع، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ١، ٢]. وكما قالوا: أَكْثَرَ [الدِّرْهَمُ في](٣) أيدى الناسِ.
وقد ذُكِر عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ أنه كان يَقْرَأُ ذلك:(تَمَامًا على الَّذِينَ أَحْسَنُوا)(٤). وذلك مِن قراءتِه كذلك يُؤَيِّدُ قولَ مجاهدٍ.
(١) تفسير مجاهد ص ٣٣١ ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٢٣ (٨١١١). (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٥٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبى الشيخ. (٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الذي هم فيه في". (٤) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ص ١٧١ عن حجاج، عن هارون. وينظر مختصر الشواذ خالويه ص ٤٧.