نفقةٌ ولا أجرُ رَضاعٍ، فوجَب بإجماعِهم على ذلك أن حُكْمَ سائرِ ورثتِه - غيرَ مَن اسْتُثْنِي - حُكْمُه. وكان إذا بطَل أن يكونَ معنى ذلك ما وصَفْنا، مِن أنه معنيٌّ به ورثةُ المولودِ، فبُطُولُ القولِ الآخرِ - وهو أنه معنيٌّ به ورثةُ المولودِ له سوى المولودِ - أحْرَى؛ لأن الذي هو أقربُ بالمولودِ قَرابةً (١) ممَّن هو أبعدُ منه إذا لم يَصِحَّ وجوبُ نفقتِه وأجرِ رَضاعِه عليه، فالذي هو أبعدُ منه قَرابةً أحْرَى (٢) ألا يَصِحَّ وجوبُ ذلك عليه.
وأما الذي قلْنا مِن وجوبِ رزقِ الوالدةِ وكِسْوتِها بالمعروفِ على ولدِها - إذا كانتِ الوالدةُ بالصفةِ التي وصَفْنا - على مثلِ الذي كان يَجِبُ لها مِن ذلك على المولودِ له، فما لا خلافَ فيه مِن أهلِ العلمِ جميعًا، فصحَّ ما قلْنا في الآيةِ مِن التأويلِ بالنقلِ المُسْتَفيضِ وراثةً عمَّن لا يَجوزُ خلافُه، وما عدا ذلك مِن التأويلاتِ فمُتنازَعٌ فيه، وقد دلَّلْنا على فَسادِه.