يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي بيَّنا لك يا محمدُ من الأخلاقِ (١) التي أمَرناك بجميلِها، ونهيناك عن قبيحها، ﴿مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ﴾. يقولُ: من الحكمةِ التي أوحَيْناها إليك في كتابِنا هذا.
كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ﴾. قال: القرآنُ.
وقد بيَّنا معنى الحكمةِ فيما مضَى من كتابِنا هذا، بما أغنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).
﴿وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا﴾. يقولُ: ولا تجعَلْ مع اللَّهِ شريكًا في عبادتِك، ﴿فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا﴾: تَلُومُك نفسُك وعارفوك من الناسِ، ﴿مَدْحُورًا﴾. يقولُ: مُبْعَدًا مَقْصِيًّا في النار، ولكن أَخْلِص العبادةَ للَّهِ الواحدِ القهارِ، فتنجوَ من عذابِه.
وبنحوِ الذي قلنا في قولِه: ﴿مَلُومًا مَدْحُورًا﴾. قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني عليٌّ بن داود، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿مَلُومًا مَدْحُورًا﴾. يقولُ: مطرودًا (٣).
حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ:
(١) بعده في م، ت ١، ت ٢، ف: "الجميلة". (٢) تقدم في ٢/ ٥٧٥ - ٥٧٧. (٣) أخرجه البخارى عقب حديث (٣٢٦٧) معلقًا، وذكره الحافظ في التغليق ٣/ ٥١١ عن المصنف، وينظر فتح الباري ٦/ ٣٤٠.