صدقوك واتَّبعوك وصدَّقوا بما جئتَهم به من أهل الإسلام اليهود، ﴿وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾. يعني: عبدة الأوثان الذين اتخذوا الأوثانَ آلهة يعبُدونها من دونِ اللَّهِ، ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾. يقولُ: ولتجدنَّ (١) أقرب الناس مودّةً ومحبةً - والمودَّةُ المَفْعَلةُ، من قول الرجل: وَدِدْتُ كذا، أوَدُّه وَدًّا ووُدًّا وَودًّا ومودةً، إذا أحببته - ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾. يقولُ: للذين صدَّقوا الله ورسوله محمدًا ﷺ، ﴿الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ عن قبول الحقِّ واتباعه، والإذعان به.
وقيل: إن هذه الآية والتي بعدها نزلت في نفر قدموا على رسول الله ﷺ من نصارى الحبشة، فلما سمعوا القرآنَ أَسلموا، واتَّبعوا رسولَ اللَّهِ ﷺ.
وقيل: إنها نزلت في النجاشيِّ ملك الحبشة وأصحابٍ له أسلموا معه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الملك بن أبى الشوارب، قال: ثنا عبدُ الواحدِ بنُ زيادٍ، قال: ثنا حُصَيفٌ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: بعَث النجاشيُّ وفدا إلى النبيِّ ﷺ، فقرأ عليهم النبيُّ ﷺ فأسلموا. قال: فأنزل الله تعالى ذكرُه فيهم: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ إلى آخر الآية. قال: فرجعوا إلى النجاشيِّ فأخبروه، فأسلم النجاشيُّ، فلم يَزَلْ مسلمًا حتى مات. قال: فقال رسول الله ﷺ: "إن أخاكم النَّجاشيَّ قد مات فصلُّوا عليه". فصَلَّى عليه رسول الله ﷺ بالمدينة، والنجاشيُّ ثُمَّ (٢).
(١) في ص، ت ٢، ت ٣ س: "لتصيبين"، وفي ت ١: "لتجيدن". (٢) في م: "الحبشة".