حدَّثني يحيى بنُ أبى طالبٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: أخبرَنا جُوَيبرٌ، عن الضحاكِ قولَه: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾. قال: يَتَدَبَّرون النَّظَرَ فيه (٢).
قال أبو جعفرٍ ﵀: يعنى جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ﴾. وإذا جاء هذه الطائفةَ المُبَيِّنةَ غيرَ الذي يقولُ رسولُ اللهِ ﷺ ﴿أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ﴾. فالهاءُ والميمُ مِن قولِه: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ﴾. مِن ذكرِ الطائفةِ المُبَيِّنةِ. يقولُ جلَّ ثناؤه: وإذا جاءهم خبرٌ عن سَرِيَّةٍ للمسلمين غازيةٍ بأنهم قد أمِنوا من عدوِّهم بغَلَبَتِهم إياهم، ﴿أَوِ الْخَوْفِ﴾. يقولُ: أو تخوُّفِهم مِن عدوِّهم بإصابةِ عدوِّهم منهم، ﴿أَذَاعُوا بِهِ﴾. يقولُ: أَفْشَوه وبَثُّوه في الناسِ قبلَ (٣) رسولِ اللهِ ﷺ، وقبل أمراءِ سرايا رسولِ اللهِ، والهاءُ في قولِه: ﴿أَذَاعُوا بِهِ﴾. مِن ذكرِ "الأمر". وتأويله: أذاعوا بالأمرِ من الأمنِ أو الخوفِ الذي جاءهم، يقالُ منه: أذاعَ فلانٌ بهذا الخبرِ، وأذاعَه. ومنه قولُ أبى الأَسودِ (٤):
أذاعَ به في الناسِ حتى كأنَّه … بِعَلْياءَ نارٌ أُوقِدَتْ بِثَقُوبِ (٥)
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٨٦ إلى المصنف. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ١٠١٣ (٥٦٧٨) من طريق جويبر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٨٦ إلى ابن المنذر. (٣) في الأصل: "قتل". (٤) البيت في الأغانى ١٢/ ٣٠٥، ومجاز القرآن ١/ ١٣٣، واللسان (ذ ى ع). (٥) في الأصل: "بثقيف". والثقوب: ما توقد به النار من دقاق العيدان. التاج (ث ق ب).