عندِ اللهِ مِن شَرائعِ دينِه، ﴿وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾. يقولُ: ولم يُكَذِّبوا بعضَهم، ويُصَدِّقوا بعضَهم، ولكنهم أقرُّوا أن كلَّ ما جاءوا به من عندِ ربِّهم حقٌّ، ﴿أُولَئِكَ﴾. يقولُ: هؤلاء الذين هذه صفتُهم من المؤمنين باللهِ ورسلِه (سوف نُؤْتيهم (١)). يقولُ: سوف نُعْطِيهم (٢) ﴿أُجُورَهُمْ﴾ يعنى: جزاءَهم وثوابَهم على تصديقِهم الرسلَ في توحيدِ اللهِ وشَرائعِ دينِه، وما جاءت به من عندِ اللهِ، ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾. يقولُ: يَغْفِرُ لَمَن فعَل ذلك مِن خَلْقِه، ما سلَف له من آثامِه، فيَسْتُرُ عليه بعفوِه له عنه، وبتركِ العقوبةِ عليه، فإنه لم يَزَلْ لذنوبِ المُنيبِين إليه مِن خلقِه غفورًا ﴿رَحِيمًا﴾. يعنى: ولم يَزَلْ بهم رحيمًا بتفضُّلِه عليهم بالهِدايةِ إلى سبيلِ الحقِّ وتوفيقِه إياهم لما فيه خَلاصُ رِقابِهم مِن النارِ.
قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ،﵀: يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ﴿يَسْأَلُكَ﴾، يا محمدُ ﴿أَهْلُ الْكِتَابِ﴾، يعنى بذلك: أهلَ التوراةِ مِن اليهودِ، ﴿أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ﴾.
واخْتَلَف أهلُ التأويلِ فى الكتابِ الذى سأَل اليهودُ محمدًا ﷺ أن يُنَزِّلَه عليهم مِن السماءِ؛ فقال بعضُهم: سأَلوه أن يُنَزِّل عليهم كتابًا من السماءِ مَكتوبًا، كما جاء