فيه لمعايشِكم (١)، وتتصرَّفوا فيه لمصالحِ دنياكم، وابتغاءَ فضلِ اللهِ فيه.
وجعَل جلَّ ثناؤُه النهارَ - إذ كان سببًا لتصرُّفِ عبادِه لطلبِ المعاشِ فيه - معاشًا، كما في قولِ الشاعرِ:
وأخو الهُمومِ إذا الهُمومُ تَحضَّرَت … جُنْحَ الظلامِ وِسادُه لا يَرْقُدُ
فجعل الوسادَ هو الذي لا يَرْقُدُ، والمعنى لصاحبِ الوسادِ.
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ﴿النَّهَارَ مَعَاشًا﴾. قال: يَبْتَغون فيه من فضلِ اللهِ (٢).
يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ﴾: وسَقَّفْنا فوقَكم. فجعَل السقفَ بناءً، إذ كانت العربُ تُسَمِّى سقوفَ البُيوتِ (٣) - وهى سماؤُها - بناءً، وكانت السماء للأرضِ سُقُفًا، فخاطَبهم بلسانِهم، إذ كان التنزيلُ بلسانِهم، وقال: ﴿سَبْعًا شِدَادًا﴾. إذ كانت وِثاقًا محكَمةَ الخلقِ، لا صُدوع فيهنَّ ولا فُطورَ، ولا يُبْلِيهن مَرُّ الليالي والأيامِ.