الحسنِ، قال: لما نزَلت هذه الآيةُ في أموال اليتامى، كرهوا أن يُخالطوهم، وجعَل وليُّ اليتيم يَعْزِلُ مالَ اليتيم عن مالِه، فشكَوا ذلك إلى النبيّ ﷺ، فأنزل اللهُ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٠]. قال: فخالَطوهم واتقَوا (١).
القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (٢)﴾.
قال أبو جعفرٍ: يَعْنى بذلك عز ذكرُه: إن أكلَكم أموالَ أيتامِكم مع أموالِكم حُوبٌ كبيرٌ، والهاء في قوله ﴿إِنَّه﴾ دالَّةٌ على اسم الفعلِ، أَعْنى الأكلَ.
وأما الحُوبُ: فإنه الإثم. يقالُ منه: حاب الرجلُ يحوبُ حُوبًا وحَوْبا وحيابةً. ويُقالُ منه: قد تحوّب الرجلُ من كذا (٢). إذا تأثَّم منه، ومنه قولُ أميةَ بن الأَسْكَرِ الليثيِّ (٣):
وإِنَّ مُهَاجِرَين تَكنَّفَاهُ … غَدَاتَئِذٍ لقد خَطِئَا وحابَا
ومنه قيل: نزَلنا بحَوبةٍ مِن الأرضِ، وبحِيبةٍ من الأَرضِ. إذا نزَلوا بموضعِ سُوءٍ منها. والكبيرُ: العظيمُ، فمعنى ذلك: إن أكلَكم أموالَ اليتامى مع أموالِكم إثمٌ عندَ اللهِ عظيمٌ.
وبنحوِ الذي قلنا في الحُوبِ، قال أهلُ التأويلِ.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١١٧ إلى المصنف. (٢) بعده في الأصل: "وكذا". (٣) تقدم في ١/ ٧٢٢.