كانت لهم. وفي "ما" التي في قولِه: ﴿وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ﴾. وجهان مِن العربيةِ؛ النصبُ عطفًا بها (١) على البناتِ، فيكونُ معنى الكلامِ، إذا أريد ذلك (٢): ويَجْعَلون للهِ البناتِ، ولهم البنينَ الذين يَشْتَهونهم (٣)، فتكونُ ﴿مَا﴾ للبنين. والرفعُ، على أن الكلامَ مبتدأٌ من قولِه: ﴿وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ﴾، فيكونُ معنى الكلامِ: يَجْعَلُون للهِ البناتِ، ولهم البنونَ (٤).
وقولُه: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾. يقولُ: وإذا بُشِّر أحدُ هؤلاء الذين جعَلوا للَّهِ البناتِ، بولادةِ ما يُضِيفُه إليه من ذلك له، ظلَّ وجهُه مسْودًّا، مِن كراهتِه له، ﴿وَهُوَ كَظِيمٌ﴾. يقولُ: قد كظَم الحزنَ، وامْتَلأ غَمًّا بولادتِه له، فهو لا يُظْهِرُ ذلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثني عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ﴾، ثم قال: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ إلى آخرِ الآيةِ، يقولُ: يَجْعَلُون للَّهِ البناتِ، تَرْضَوْنهن (٥) لى، ولا تَرْضَوْنهن (٦) لأنفسِكم، وذلك أنهم كانوا في الجاهليةِ إذا وُلِد للرجلِ منهم جاريةٌ، أمسَكها على هُونٍ، أو دسَّها في الترابِ، وهى
(١) في م: "لها". (٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "بذلك". (٣) في م: "يشتهون". (٤) ينظر معاني القرآن ٢/ ١٠٥، ١٠٦. (٥) في ص، ت ١: "ترضونهم"، وفى ت ٢: "يرضونهم"، وفى ف: "يرضونهم". (٦) في ص، ف: "ترضونهم" وفى ت ١، ت ٢: "يرضونهم".