يقولُ تعالى ذكرُه: ومِن حُجَجه عليكم أيُّها الناسُ بأنه القادرُ على إحيائِكم بعدَ فَنائِكم، وبعثِكم من قبورِكم من بعدِ بِلائِكم - خلقُه السماواتِ والأرضَ، ﴿وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ﴾. يعنى: وما فرَّق في السماواتِ والأرضِ من دابةٍ.
كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ﴾. قال: الناسُ والملائكةُ (١)
﴿وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ﴾. يقولُ: وهو على جمْعِ ما بثَّ فيهما مِن دابة إذا يشاءُ جمعَه ذو قدرةٍ، لا يَتَعذَّرُ عليه، كما لم يَتَعذَّر عليه خلقُه وتفريقُه. يقولُ: فكذلك هو القادرُ على جمعِ خلقِه الحشرِ (٢) يوم القيامةِ بعد تفرُّقِ أوصالِهم في القبورِ.
يقولُ تعالى ذكرُه: وما يُصِيبُكم أيُّها الناسُ من مصيبةٍ في الدنيا في أنفسِكم أو أهليكم أو أموالِكم، ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾. يقولُ: فإنما يُصِيبُكم
(١) تفسير مجاهد ص ٥٩٠، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٩/ ٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر. (٢) في ص، م، ت ٢: "بحشر"، وفى ت ١: "يحشرهم".