حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرَنا معمرٌ، عن قتادةَ، قال: كانوا إذا أفاضوا من عرفاتٍ لم يَتَّجِروا بتجارةٍ، ولم يُعَرِّجوا على كَسيرٍ، ولا على ضالَّةٍ، فأحلَّ اللَّهُ ذلك، فقال: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾. إلى آخرِ الآيةِ (١).
حدَّثني سعيدُ بنُ الربيعِ الرازيُّ، قال: ثنا سفيانُ، عن عمرِو بنِ دينارٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: كانت عُكاظٌ ومَجَنَّةُ (٢) وذو المَجازِ أسواقًا في الجاهليةِ، فكانوا يَتَّجِرون فيها، فلمَّا كان الإسلامُ كأنهم تأثَّمُوا منها، فسألوا النبيَّ ﷺ، فأنزَل اللَّهُ:(ليس عليكم جُناحٌ أنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِن رَبِّكم في مواسمِ الحَجِّ)(٣).
القولُ في تأويلِ قولهِ: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ﴾.
يعني جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ﴾: فإذا رجَعتم من حيثُ بدَأتُم. ولذلك قيل للذي يضرِبُ القِداحَ بينَ الأَيْسارِ (٤): مُفِيضٌ. لجمعِه القداحَ، ثم إفاضتِه إياها بينَ الياسِرين (٥). ومنه قولُ بشرِ بنِ أبي خازمٍ (٦) الأسديِّ (٧):
(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٧٨. (٢) مَجَنَّةُ: اسم سوق للعرب في الجاهلية بمر الظهران قرب جبل يقال له: الأصفر وهو بأسفل مكة. معجم البلدان ٤/ ٤٣١. (٣) تقدم تخريجه في ص ٥٠٢، ٥٠٥. (٤) الأيسار: جمع ياسر، وهم الضاربون بالقداح والمتقامرون على الجزور وهو الذي يلي قسمة جزور الميسر. تاج العروس (ي س ر). (٥) في النسخ: "المياسرين". وينظر تهذيب اللغة ١٣/ ٥٩. (٦) في الأصل، ت ١، ت ٢: "حازم". (٧) ديوانه ص ١٠٧.