كُوني خلفَ ظَهْرِى، وأشِيرى لى إلى منزلِك. فعرفتُ أن ذلك منه أمانةٌ (١).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قالت: ﴿يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾: لما رأت من قوَّتِه وقولِه لها ما قال؛ أَنِ امْشِي خَلْفى. لئلَّا يَرَى منها شيئًا مما يكْرَهُ، فزاده ذلك فيه رغبةً (٢).
يقولُ تعالى ذكرُه: قال أبو المرأتين اللتين سَقَى لهما موسى لموسى: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾. يعنى بقولِه: ﴿عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي﴾: على أن تُثيبنى [مِن تزويجِكها](٣) رَعْيَ ماشيتى ثمانِيَ حِجَجٍ. من قولِ الناسِ: أَجَرك الله فهو يأجُرُك. بمعنى: أثابَك اللهُ. والعربُ تقولُ: أجَرْتُ الأجيرَ أَجْرَه. بمعنى: أعطيتُه ذلك، كما يقالُ: أَخَذْتُه فأنا آخُذُه.
وحكَى بعضُ أهلُ العربيةِ من أهل البصرةِ، أنّ لغةَ العربِ: أجَرْتُ غلامي، فهو مأجورٌ، وأَجَرْتُه فَهو مُؤجَرٌ. يريد: أفعلتُه. قال: وقال بعضُهم: آجَرَه، فهو مؤاجَرٌ. أراد: فاعَلْتُه.
وكأنّ أباها عندى جعَل صداقَ ابنتِه التي زوَّجها موسى رَعْىَ موسى عليه ماشيتَه ثمانيَ حِجَجٍ، والحِجَجُ السِّنونُ.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٦٧ من طريق أصبغ عن ابن زيد. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٦٨ من طريق سلمة به. (٣) في م: "من تزويجها"، وفى ت ٢: "بتزويجكها".