وجلّ أَلْقَى محبتَه على موسى ﵇، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾ فحبَّبه إلى آسيةَ امرأةِ فرعونَ حتى تبنَّته وغدَّته وربَّته، وإلى فرعونَ حتى كفَّ عنه عادِيتَه وشرَّه. وقد قيل: إنما قيل: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾؛ لأنه حبَّبه إلى كلِّ مَن رآه. ومعنى: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾: حبَّبْتك إليهم. يقولُ الرجلُ لآخرَ إذا أحبَّه: ألقيتُ عليك رحمتى. أي: محبتى.
اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: ولتُغَذَّى وتُرَبَّى على محبتى وإرادتي.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا الحسنُ بن يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾. قال: هو غذاؤُه، ولتُغَذَّى على عينى (١).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾. قال: جَعَله في بيتِ الملكِ ينعَمُ ويترَفُ، غذاؤُه عندَهم غذاءُ الملكِ، فتلك الصَّنْعةُ (٢).
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأنت بعينى في أحوالك كلِّها.
(١) تفسير عبد الرزاق ٢/ ١٧، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٩٦ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم. (٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٢٧٨ عن ابن زيد.