﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ﴾. قال: رأى جبريلَ له ستُّمائةِ جَناحٍ في صورتِه (١).
حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن عامرٍ، قال: ما رأى جبريلَ النبيُّ ﷺ في صورتِه إلا مرَّةً، واحدة، وكان يأتيه في صورةِ رجلٍ يقالُ له: دِحْيَةُ. فأتاه يومَ رآه في صورتِه قد سدَّ الأُفق كلَّه، عليه سندسٌ أخضرُ معلَّقُ الدرِّ، فذلك قولُ اللهِ: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣)﴾. وذُكِر أنَّ هذه الآيةَ في: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١)﴾: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩)﴾. في جبريلَ، إلى قولِه: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (٢٤)﴾. يعنى النبيَّ ﷺ.
وقولُه: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾ (٢). اختلَفتِ القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ المدينةِ والكوفةِ: ﴿بِضَنِينٍ﴾ بالضادِ (٣)، بمعنى أنه غيرُ بخيلٍ عليهم بتعليمِهم ما علَّمه اللهُ وأنزَل إليه مِن كتابِه. وقرَأ ذلك بعضُ المكيِّين وبعضُ البصريين وبعضُ الكوفيِّين:(بظَنينٍ)(٤) بالظاءِ، بمعنى أنه غيرُ متَّهمٍ فيما يُخبرهم عن اللهِ من الأنباءِ.
ذكرُ مَن قرَأ (٥) ذلك بالضادِ وتأوَّله على ما وصَفنا من التأويلِ، من أهلِ التأويلِ
حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن عاصمٍ، عن
(١) أخرجه ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص ٢١٦ من طريق الأعمش به بنحوه. وفيه سبعمائة. بدلا من ستمائة. (٢) في ص: "بظنين". (٣) وهى قراءة نافع وابن عامر وعاصم وحمزة. ينظر حجة القراءات ص ٧٥٢. (٤) وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو والكسائي. المصدر السابق. (٥) في م، ت ٢، ت ٣: "قال".