وقال آخَرون: عنَى اللَّهُ جلَّ ثناؤُه بذلك النعمةَ التي أَنْعَمَها على المؤمنين بإطْلاعِ نبيِّه ﷺ على ما همَّ به عدوُّه وعدوُّهم مِن المشركين يومَ بَطْنِ نَخْلٍ مِن اغْترارِهم إياهم والإيقاعِ بهم إذا هم اشْتَغَلوا عنهم بصلاتِهم، فسجَدوا فيها، وتعريفِه نبيَّه ﷺ الحِذارَ مِن عدوِّه في صلاتِه بتعليمِه إياه صلاةَ الخوفِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾ الآية: ذُكِر لنا أنها نزَلَت على رسولِ اللَّهِ ﷺ وهو ببَطْنِ نخلٍ في الغَزْوةِ السابعةِ (١)، فأراد بنو ثعلبةَ وبنو مُحاربٍ أن يَفْتِكوا به، فأَطْلَعَه اللَّهُ على ذلك. ذُكِر لنا أن رجلًا انْتَدَب لقتلِه، فأتَى نبيَّ اللَّهِ ﷺ وسيفُه موضوعٌ، فقال: آخُذُه يا نبيَّ اللَّهِ؟ قال:"خُذْه". قال: أَسْتَلُّه؟ قال:"نعم". فسلَّه، فقال: مَن يَمْنَعُك منى؟ قال:"اللَّهُ يَمْنَعُنى منك". فهدَّده أصحابُ رسولِ اللَّهِ ﷺ، وأغْلَظوا له القولَ، فشام (٢) السيفَ، وأمَر نبيُّ اللَّهِ ﷺ أصحابَه بالرحيلِ، فأُنْزِلَت عليه صلاةُ الخوفِ عندَ ذلك (٣).
حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخْبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا مَعْمَرٌ، عن الزهريِّ، ذكَره عن أبي سلمةَ، عن جابرٍ، أن النبيَّ ﷺ نزَل منزلًا، وتفَرَّق الناسُ في العِضاهِ (٤) يَسْتَظِلُّون تحتَها، فعلَّق النبيُّ ﷺ سلاحَه بشجرةٍ، فجاء أعرابيٌّ إلى سيفِ
= والأثر ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٥٩ عن العوفى، عن ابن عباس، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٦٦ إلى المصنف وابن أبي حاتم. (١) في الدر المنثور: "الغزوة الثانية". (٢) شام السيف يشيمه: غمده، وأيضًا: استله. فهو من الأضداد. والمراد هنا الأول تاج العروس (ش ى م). (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٦٦ إلى المصنف وعبد بن حميد. (٤) العِضاه: شجر أم غيلان، وكل شجر عظيم له شوك، الواحدة: عِضة بالتاء، وقيل واحدته: عضاهة النهاية ٣/ ٢٥٥.