لأن بالأهلَّةِ يُعْرَفُ انقضاءُ الشهور والسنينَ لا بالشمس. والآخرُ: أن يكونَ اكْتُفِى بذكر أحدِهما من (١) الآخر، كما قال في موضعٍ آخَرَ: ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: ٦٢]. وكما قال الشاعرُ (٢):
رَمَانى بأمرٍ كنتُ منه وَوَالِدِى … بَرِيًّا و [مِن جُولِ](٣) الطَّوِيِّ (٤) رَمَانِي
وقولُه: ﴿لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾. يقولُ: وقَدَّر ذلك منازل؛ ﴿لِتَعْلَمُوا﴾ أنتم أيُّها الناسُ، ﴿عَدَدَ السِّنِينَ﴾. دخولَ ما يَدخُلُ منها، وانقضاءَ ما يُسْتقبَلُ منها، وحسابَها، يقولُ: وحسابَ أوقاتِ السنينَ، وعددَ أيامِها، وحسابَ ساعاتِ أيامها، ﴿مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: لم يخلقِ اللَّهُ الشمسَ والقمرَ ومنازلَهما إلا بالحقِّ، [وهو](٥) الحقُّ تعالى ذكرُه، يقولُ (٦): خلَقتُ ذلك كلَّه بحقِّ وَحْدى، بغير عونٍ ولا شريكٍ، ﴿يُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾. يقولُ: يُبَيِّنُ الحُجَجَ والأدلة، ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾، إِذا تَدَبَّروها حقيقةً وحدانية الله، وصحةَ ما يَدْعُوهم إليه محمدٌ ﷺ؛ مِن خَلْعِ الأنداد، والبراءةِ مِن الأوثانِ.
(١) في م: "عن". (٢) هو ابن أحمر؛ كما في كتاب سيبويه ١/ ٧٥. وقيل: البيت للأزرق بن طرفه بن العمرد، كما في اللسان (ج و ل). وهو غير منسوب في معاني القرآن للفراء ١/ ٤٥٨، وشرح الحماسة للتبريزى ٢/ ٩٣٦، والتاج (ج و ل). (٣) في كتاب سيبويه وشرح الحماسة: "من أجل". قال التبريزي: وهو الصحيح. (٤) الجول: جدار البئر. والطوى: البئر المطويَّة بالحجارة. ينظر اللسان (ج و ل)، (ط و ي). (٥) في م: "يقول". (٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.