يقولُ تعالى ذِكْرُه: ثم صَدَقْنا رُسُلَنا الذين كَذَّبَتْهُم أَمَمُهم، وسأَلَتْهم الآياتِ، فأتَيْناهم ما سألوه مِن ذلك، ثم أقاموا على تكْذِيبِهم إيَّاها، وأصَرُّوا على جحودِهم نبوَّتَها بعدَ الذي أتَتْهم به من آياتِ ربِّها - وعْدَنا الذي وعَدْناهم من الهلاكِ (١) على إقامتِهم على الكفرِ بربِّهم بعدَ مجيءِ [الآياتِ التي سألوها](٢)، وذلك كقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [المائدة: ١١٥]. وكقوله: ﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ﴾ [هود: ٦٤]. ونحوِ ذلك من المواعيدِ التي وعَد الأممَ مع مجيءِ الآياتِ.
وقولُه: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُمْ﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: فأنجَيْنا الرسلَ عندَ إصرارِ أمَمِيها على تَكْذيبِها بعدَ الآيات، ﴿وَمَنْ نَشَاءُ﴾: وهم أتباعُها الذين صدَّقوها وآمنوا بها.
وقوله: ﴿وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: وأَهْلَكْنا الذين أسرَفوا على أنفسِهم بكفرِهم بربِّهم.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه:
﴿وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ﴾: والمُسرِفون هم المُشركِون (٣).