﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾. دلالةٌ على أن المرادَ به الاستفهامُ - كما قال ابن زيدٍ - كان معلومًا أنه ليس به، وإذ فسَد هذان الوجهان، صحَّ الثالثُ وهو ما قلنا.
وقولُه: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ﴾. اخْتَلَفَ أهلُ التأويلِ في المعنيِّ بهذه الظلماتِ؛ فقال بعضُهم: عُنِى بها ظلمةُ الليلِ، وظلمةُ البحرِ، وظلمةُ بطنِ الحوتِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ (١)، عن إسرائيلُ، [عن أبي إسحاقَ](٢)، عن عمرِو بن ميمونٍ: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ﴾. قال: ظلمةِ بطنِ الحوتِ، وظلمةِ البحرِ، وظلمةِ الليلِ (٣). وكذلك قال أيضًا ابن جُريجٍ.
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن يزيدَ بن زيادٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن أبي سلمةَ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: نادَى في الظلماتِ؛ ظلمةِ الليلِ، وظلمةِ البحرِ، وظلمةِ بطنِ الحوتِ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (٤).
حدَّثني محمدُ بن إبراهيم السُّلَميُّ، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: أخبَرنا محمدُ بنُ رِفاعةَ، قال: سمِعْتُ محمدَ بنَ كعبٍ يقولُ في هذه الآيةِ: ﴿فَنَادَى فِي
(١) بعده في ت ١، ت ٢: "عن ابن جريج". (٢) سقط من: ت ٢. (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٣٣ إلى المصنف، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ١١/ ٥٤١، وابن أبي الدنيا في العقوبات (١٧١)، والمصنف في تاريخه ٢/ ١٥ من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود، مطولًا. (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٣٣ إلى المصنف.