حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بن عبدِ الحكمِ، قال: ثنا ابن أَبي فُدَيْكٍ، قال: ثني ابن أبي ذئبٍ، عن شُعْبَةَ مولى ابن عباسٍ، عن ابن عباسٍ أنه دخَل على عثمانَ ﵁، فقال: لمَ صار الأخَوان يَرُدَّان الأمَّ إلى السدسِ، إنما قال اللَّهُ: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾. والأخَوان في لسانِ قومِك وكلامِ قومك ليسا بإخوةٍ؟ فقال عثمانُ ﵁: هل أستطيعُ نقضَ أمرٍ كان قبلى، وتوارَثَه الناسُ، ومضَى في الأمصارِ (١)؟
قال أبو جعفرٍ: والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى أن المَعْنِيَّ بقولِه: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾. اثنان من إخوةِ الميتِ فصاعدًا، على ما قاله أصحابُ رسولِ اللَّهِ ﷺ، دونَ ما قاله ابن عباسٍ ﵁؛ لنقلِ الأمَّةِ وراثةً صحةَ ما قالوه مِن ذلك عن الحجةِ، وإنكارِهم ما قاله ابن عباسٍ في ذلك.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل في الأخوين: إخوةٌ. وقد علِمتَ للأخوين في منطقِ العرب مثالًا لا يُشْبِهُ مثالَ الإخوةِ في منطقِها؟ قيل: إن ذلك وإن كان كذلك، فإن من شأنِها التأليفَ بين الكلامين [يتقاربُ معنياهما](٢)، وإن اختلفا في بعضِ وجوهِهما، فلمَّا كان ذلك كذلك، وكان مستفيضًا في منطقِها منتشرًا مُستعمَلًا في كلامِها: ضرَبتُ مِن عبدِ اللَّهِ وعَمْرٍو رءوسَهما، وأَوْجَعَتُ [مِن أَخَويْك](٣) ظهورَهما. وكان ذلك أشدَّ استفاضةً في منطقِها مِن أن يقالَ: أَوْجَعتُ منهما ظهرَهما. وإن كان مقولًا: أَوْجَعتُ ظهرَيهما (٤). كما قال
(١) أخرجه الحاكم ٤/ ٣٣٥، والبيهقي ٦/ ٢٢٧ من طريق ابن أبي ذئب به بنحوه. (٢) في م: "بتقارب معنييهما". (٣) في م: "منهما". (٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ظهرهما".