قال أبو جعفرٍ ﵀: يقولُ تعالى ذكرُه: يُقالُ لهؤلاء المجرِمين الذين أخبَر جلَّ ثناؤُه أنهم يُعْرَفون يومَ القيامةِ بسِيماهم، حينَ يُؤْخَذُ بالنواصي منهم (١) والأقدامِ: هذه جهنمُ التي يُكَذِّبُ بها المجرِمون. فتَرَك ذكرَ "يُقالُ"؛ اكتفاءً بدلالةِ الكلامِ عليه منه.
وذُكِر أن ذلك في قراءةِ عبدِ اللَّهِ:(هذه جهنمُ التي كنتما بها (٢) تُكذِّبان، تَصْليانها (٣) لا تَموتان فيها ولا تحييان) (٤).
وقولُه: ﴿يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يطوفُ هؤلاء المجرِمون الذين وصَف صفتَهم في جهنمَ بينَ أطباقِها، ﴿وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾. يقولُ: وبينَ ماءٍ قد [سَخَن وغَلى](٥)، حتى انتَهى حرُّه، وأَنَى طبخُه. وكلُّ شيءٍ أَدْرَك وبلَغ فقد أنَى، ومنه قولُه: ﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ [الأحزاب: ٥٣]. يعني: إدراكَه وبلوغَه، كما قال نابغةُ بني ذُبيانَ (٦):
وتُخْضَبُ لحيةٌ غدَرتْ وخانَتْ … بأحمرَ من نَجِيعِ الجَوْفِ آنِ
يعني: مُدْرِكٍ.
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) في الأصل: "بهما". (٣) بعده في الأصل: "فيها". (٤) معاني القرآن للفراء ٣/ ١١٧، ومختصر الشواذ لابن خالويه ص ١٥٠. (٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أسخن وأغلى". (٦) ديوانه ص ١٤٩.