الأممِ الكافرةِ بعدَ أمةٍ، ﴿لَا مَرْحَبًا بِهِمْ﴾، وهذا خبرٌ من اللهِ عن قيلِ الطاغين الذين كانوا قد دخَلوا النارَ قبلَ هذا الفوجِ المقتحمِ للفوجِ المقتحِمِ فيها عليهم: ﴿لَا مَرْحَبًا بِهِمْ﴾. ولكن الكلامَ اتَّصَل، فصار كأنه قولٌ واحدٌ، كما قيل: ﴿يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ [الأعراف: ١١٠]. فاتصَل قولُ فرعونَ بقولِ ملئه، وهذا كما قال تعالى ذكرُه مُخبِرًا عن أهلِ النارِ: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ [الأعراف: ٣٨].
ويعنى بقولِه: ﴿لَا مَرْحَبًا بِهِم﴾: لا اتَّسَعت بهم مداخلُهم. كما قال أبو الأسودِ (١):
* [ألا مَرْحَبٌ](٢) وَادِيكَ غيرُ مَضِيقٍ *
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ﴾ في النارِ ﴿لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ (٥٩) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ﴾ حتى بلَغ: ﴿فَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾. قال: هؤلاء التُّبَّاعُ يقولون للرءوسِ (٣).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ﴾. قال: الفوجُ: القومُ الذين يَدْخُلون فوجًا بعدَ
(١) ديوانه ص ٢٩ (نفائس المخطوطات). وهذا عجز بيت وصدره: * ولما رآني مقبلًا قال: مرحبًا * (٢) في م: "لا مرحب". وفي الديوان: "ألا مرحبًا". (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣١٨ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر.