يقولُ تعالى ذكره لنبيِّه محمدٍ ﷺ: قلْ يا محمدُ لهؤلاء العادِلين بربِّهم الأوثانَ والأصنامَ، الزاعمين أن اللهَ حرَّم عليهم ما هم مُحَرِّموه من حروثِهم وأنعامِهم، على ما ذكَرْتُ لك في تنزيلي عليك: تعالَوْا أَيُّها القومُ أَقْرَأْ عليكم ما حرَّم ربُّكم حقًّا يقينًا، لا الباطلَ تَخَرُّصًا، تَخَرُّصَكم (٢) على اللهِ الكذبَ والفِرْيَةَ ظنًّا، ولكنْ وحيًا مِن اللهِ أوْحاه إليَّ، وتنزيلًا أنزَله عليَّ: ألا تُشْرِكوا باللهِ شيئًا مِن خلقِه، ولا تَعْدِلوا به الأوثانَ والأصنامَ، ولا تَعْبُدوا شيئًا سواه. ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾. يقولُ: وأوْصَى بالوالدين إحسانًا. وحذَف "أوْصَى" و"أمرَ"؛ لدلالةِ الكلامِ عليه ومعرفةِ السامعِ بمعناه. وقد بيَّنا ذلك بشَواهدِه فيما مضَى من الكتابِ (٣).
وأما "أن" فى قولِه: ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾. فرفعٌ؛ لأن معنى الكلامِ: قلْ تعالَوْا أتلُ ما حرَّم ربُّكم عليكم؛ هو (٤) ألا تُشْرِكوا به شيئًا.
وإذا كان ذلك معناه، كان فى قولِه: ﴿تُشْرِكُوا﴾. وجهان؛ الجزمُ بالنَّهْي، وتوجيهُ "لا" إلى معنى النهي. والنصبُ على توجيهِ الكلامِ إلى الخبرِ، ونصبِ ﴿تُشْرِكُوا﴾ بـ ﴿أَلَّا﴾، كما يقالُ: أَمَرْتُك ألا تقومَ.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤١٣ (٨٠٥٣) من طريق حجاج به. (٢) في م: "كخرصكم". (٣) ينظر ما تقدم في ٢/ ١٩١. (٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.