قتلَهنّ، وذلك استحياؤهم كان إياهنَّ. وقد بيّنا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع (١)، ومعناه: ويَتْرُكونهم والحياةَ (٢). ومنه الخبر الذي روى عن رسولِ الله ﷺ، أنه قال:"اقْتُلُوا شيوخَ المشركين، واسْتَحْيُوا شَرْخَهم (٣) "(٤) بمعنى: اسْتَبْقوهم فلا تَقْتُلوهم.
﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾. يقول تعالى: وفيما يَصْنَعُ بكم آل فرعونَ من أنواع العذابِ بلاء لكم من ربِّكم ﴿عَظِيمٌ﴾ يقول (٥): أي ابتلاءٌ واختبارٌ لكم من ربِّكم عظيمٌ. وقد يكون البلاء في هذا الموضعِ نعماء [ويكونُ من البلاء الذي يصيب الناسَ من الشدائد](٦).
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (٧)﴾.
يقولُ جلّ ثناؤه: واذكروا أيضًا حين اذنكم ربُّكم. و "تأذَّن" تفعّل من "آذن"، والعربُ ربما وضَعت تفعَّل موضع أفعل، كما قالوا: أَوْعَدتُه، وتَوَعَّدتُه. بمعنًى واحدٍ، وآذن: أعلَم، كما قال الحارثُ بن حِلِّزةَ (٧):
(١) تقدم في ١/ ٦٥٠. (٢) بعده في م: "هي الترك" تفسيرا للحياة. (٣) الشرح: الصغار الذين لم يدركوا، وقيل: أراد بهم الشباب أهل الجلد الذين ينتفع بهم في الخدمة. النهاية ٢/ ٤٥٧. (٤) أخرجه أحمد ٥/ ١٢، ٢٠ (ميمنية)، وأبو داود (٢٦٧٠)، والترمذى (١٥٨٣) من حديث سمرة بن جندب. (٥) سقط من: م. (٦) في م: "وقد يكون معناه من البلاء الذي قد يصيب الناس في الشدائد وغيرها". (٧) شرح القصائد السبع ص ٤٣٣.