يقول تعالى ذكرُه: الله الذي لا تصلُحُ الألوهة إلا له، ولا تنبغى العبادة لغيره، الذي صفته أنه جعل لكم أيُّها الناسُ الليلَ سَكَنَا لتَسْكُنوا فيه، فتَهْدَءُوا مِن التصرُّفِ والاضطراب للمعاشِ، والأسباب التي كنتم تتصرفون لها (١) في نهاركم، ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾. يقولُ: وجعَل النهارَ مُبْصِرًا لمن (٢) اصطَرف (٣) فيه لمعاشِه، وطلَبِ حاجاتِه؛ نعمةً منه بذلك عليكم، ﴿إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ﴾.
يقولُ: إن الله لمتفضِّلٌ عليكم أيُّها الناسُ بما لا كُفْءَ له مِن الفضلِ، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾. يقولُ: ولكن [أكثركم لا تشكُرونه](٤) بالطاعة له، وإخلاص الألوهة والعبادة له، [ولكنه يَعْبُدُ معه ما يَضُرُّه ولا يَنْفَعُه، من غير نعمةٍ قد سلفت له إليه](٥)، ولا يد تقدَّمَت له عندَه استوجب بها منه الشكرَ عليها.