وقولُه: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ﴾. يقولُ: فليس لنا شافعٌ يشفَعُ لنا عندَ اللَّهِ مِن الأباعدِ فيعفوَ عنا ويُنجِّيَنا من عقابِه،
﴿وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾، من الأقاربِ.
واختلَف أهلُ التأويلِ في الذين عُنوا بالشافعين وبالصديقِ الحميمِ؛ فقال بعضُهم: عُنِى بالشافعين الملائكةُ، وبالصديقِ الحميم النَّسِيبُ.
ذِكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيج: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ﴾. قال: مِن الملائكةِ، ﴿وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾ قال: مِن الناسِ (١). قال مجاهدٌ: ﴿صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾. قال: شَفيقٍ (٢).
وقال آخرون: كلُّ هؤلاء من بني آدمَ.
ذِكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني زكَريا بنُ يحيى بن أبى زائدةً، قال: ثنا إسحاقُ بنُ سعيد البصريُّ المِسْمَعيُّ، عن أخيه يحيى بن سعيدٍ المِسمَعيِّ، قال: كان قتَادةُ إذا قرَأ: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾. قال: يَعْلَمون واللهِ أنَّ الصديق إذا كان صالحًا نفَع، وأن الحميمَ إذا كان صالحًا شفَع (٣).
وقولُه: ﴿فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يقولُ: فلو أنَّ لنا رجعةً إلى
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩١ إلى المصنف وابن المنذر. (٢) في م، ت ٢، وتفسير ابن أبي حاتم: "شقيق". والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٨٦ من طريق حجاج به. (٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ١٦٠.