حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا﴾. قال: استفتاحُهم بالبلاء، قالوا: ﴿اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا﴾ الذي أتى به محمدٌ ﴿هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مَّنَ السَّمَاءِ﴾ كما أمطرتَها على قوم لوطٍ، ﴿أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢]. قال: كان استفتاحهم بالبلاء، كما استفتح قومُ هودٍ: ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّدِقِينَ﴾ [الأعراف: ٧٠]. قال: فالاستفتاحُ: العذاب. قال: قيل لهم: إن لهذا أجلًا. حين سألوا اللَّهَ أَن يُنزِلَ عليهم، فقال: بل نؤخرهم [إلى يوم القيامة](١). فقالوا: لا نريد أن نؤخَّرَ إلى يوم القيامةِ؛ ﴿رَبَّنا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا﴾ عذابنا ﴿قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [ص: ١٦]. وقرأ: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمَّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ﴾ حتى بلغ ﴿وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٢)[العنكبوت: ٥٣ - ٥٥].
يقولُ عزّ ذكره: ﴿من وَرَائِهِ﴾ من أمامِ كلِّ جبارٍ ﴿جَهَنَّمُ﴾ يَرِدُونها. و"وراء" في هذا الموضع، بمعنى "أمام"، كما يقال: إن الموتَ من ورائك: أي قُدَّامَك، وكما قال الشاعرُ (٣):
(١) في م: "ليوم تشخص فيه الأبصار". (٢) ينظر التبيان ٦/ ٢٨٢، وتفسير ابن كثير ٤/ ٤٠٣. (٣) هو جرير، والبيت في ديوانه ص ٤٢٩.