رِشْدِينُ بنُ سعدٍ، قال: ثني عمرُو بنُ الحارثِ، عن أبي السَّمْحِ، عن أبي الهيثمِ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، عن النبيِّ ﷺ قال:"لو أن دَلْوًا مِن عَسَّاقِ يُهَرَاقُ إلى الدنيا، لأنْتَنَ أهلُ الدنيا"(١).
حُدِّثْتُ محمدِ بن حربٍ، قال: ثنا ابنُ لَهِيعَةَ، عن أبي قَبِيلٍ، عن أبي مالكٍ، عن عبدِ اللهِ بن عمرو أنه قال: أتَدْرُون أيُّ شيءٍ الغَسَّاقُ؟ قالوا: اللهُ أعلمُ. قال: هو القَيْحُ الغليظُ، لو أن قطرةً منه تُهَراقُ بالمغربِ لأَنْتَن أَهلُ المشرقِ، ولو تُهَراقُ بالمشرقِ لأنْتَن أهلُ المغربِ (٢).
فإن قال قائلٌ: فإنك قد قلتَ: إن الغساقَ هو الزمهرير، والزمهريرُ هو غايةُ البردِ، فكيف يكونُ الزمهريرُ سائلًا؟ قيل: إن البردَ الذي لا يُسْتطاعُ ولا يُطاقُ يكونُ صفةً في السائلِ من أجسادِ القومِ بين (٣) القيحِ والصديدِ.
يقولُ تعالى ذكرُه: هذا العقابُ الذي عُوقِب به هؤلاء الكفارُ في الآخرةِ، فعله بهم ربُّهم ﴿جَزَاءً﴾. يعني: ثوابًا لهم على أفعالِهم وأقوالِهم الرديئةِ التي كانوا يَعْمَلونها في الدنيا. وهو مصدرٌ من قولِ القائلِ: وافَق هذا العقابُ هذا العملَ وفاقًا.
(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد (٣١٦ - زوائد نعيم بن حماد) - ومن طريقه الترمذى (٢٥٨٤) - عن رشدين بن سعد به. وتقدم في ٢٠/ ١٣٠. (٢) تقدم تخريجه في ٢٠/ ١٢٩. (٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "من".