يقولُ تعالى ذكرُه: إِنَّا إِذا أَرَدْنا أَن نَبْعَثَ مَن يموتُ، فلا تَعَبَ علينا ولا نَصَبَ في إحيائِناهم، ولا في غيرِ ذلك مما [نَخلُقُ ونُكَوِّنُ ونُحْدِثُ](٢)؛ لأَنَّا إِذا أَرَدْنَا خَلْقَه وإنشاءَه، فإنما نقولُ له: كُنْ. فيكونُ، لا معاناةَ فيه، ولا كُلْفَةَ علينا.
واخْتَلَفَت القرأةُ في قراءةِ قولِه:"يكونُ"، فقرَأَه أكثرُ قرأةِ الحجازِ والعراقِ على الابتداءِ (٣)، وعلى أن قولَه: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ﴾. كلامٌ تامٌّ مُكْتَفٍ بنفسِه عما بعدِه، ثم يُبْتَدَأُ فيُقالُ: ﴿فَيَكُونُ﴾. كما قال الشاعرُ (٤):
* يُريدُ أَنْ يُعْرِبَهُ فيُعْجِمُهُ *
وقرَأ ذلك بعضُ قرأةِ أهلِ الشامِ، وبعضُ المتأخرين من قرأةِ الكوفيين:(فَيَكونَ) نصبًا، عطفًا على قولِه: ﴿أَنْ نَقُولَ لَهُ﴾. وكأنَّ معنى الكلامِ على
(١) تقدم تخريجه من طريق معمر عن قتادة مطولا. (٢) في ص، ت ٢ ف: "يخلق ويكون ويحدث"، وفى ت ١: "نخلق ونكون ويحدث". (٣) هي قراءة ابن كثير ونافع وعاصم وأبي عمرو وحمزة، كما في السبعة ص ٣٧٣، والتيسير ص ١١٢. (٤) البيت في الملحق بديوان رؤبة ص ١٨٦ وفى كتاب سيبويه ٣/ ٥٢،٥٣ منسوبا لرؤبة أيضًا، والعقد الفريد ٢/ ٤٨٠ غير منسوب، والأغانى ٢/ ١٩٦، والعمدة لابن رشيق ١/ ٧٤ منسوبا عندهما للحطيئة، ونسبه في اللسان (ع ج م) لرؤبة.