قال أبو جعفرٍ: يعنى بقوله جلَّ ثناؤه: ﴿ذَلِكَ﴾ وإن خِفْتم ألا تَعْدِلُوا في مَثْنَى أو ثُلاثَ أو رُباعَ، فنكَحتم واحدةً، أو خِفْتم ألا تَعْدِلوا في الواحدةِ فَتَسَرَّرتم ملكَ أيمانِكم - فهو ﴿أَدْنَى﴾؛ يَعْنى أقربَ ﴿ألَّا تَعُولُوا﴾، يَقُولُ: ألا تَجُوروا ولا تَمِيلوا، يُقَالُ منه: عال الرجلُ فهو يَعُول عَوْلًا وعِيالةً. إِذا مال وجار، ومنه عَوْلُ الفرائضِ؛ لأن سِهامَها إذا زادَت دخَلها النقصُ؛ وأما مِن الحاجةِ، فإنما يُقالُ: عال [فلانٌ يعيلُ](١) عَيْلةً. وذلك إذا احتاج، كما قال الشاعرُ (٢):
وما (٣) يَدْرِى الفقيرُ متى غِناه … وما (٤) يَدْرى الغنيُّ متى يَعِيلُ
بمعنى متى يَفْتَقِرُ. وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا حُميدُ بنُ مَسْعَدَةَ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُرَيعٍ، قال: ثنا يونسُ، عن الحسنِ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾. قال: العَوْلُ: الميلُ في النساءِ (٥).
حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنى حَكامٌ، عن عَنْبسةَ، عن محمدِ بن عبدِ الرحمنِ، عن القاسم بن أبي بَزَّةَ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾. [ألَّا تَمِيلوا](٦).
(١) في م، ت ٣: "الرجل". (٢) هذا البيت لأحيحة بن الجلاح الأوسى. وفى معاني القرآن للفراء ١/ ٢٥٥، وجمهرة أشعار العرب ٢/ ٦٥٩، ولسان العرب (ع ى ل). (٣) في الأصل: "لما"، وفي معاني القرآن: "لا" (٤) في معاني القرآن وجمهرة أشعار العرب: "لا". (٥) أخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ٣٦١، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٥٩ (٤٧٥٨) من طريقين عن الحسن. (٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يقول لا تميلوا". أخرجه الثورى في تفسيره ص ٨٧، وابن أبي شيبة ٤/ ٣٦١ من طريق آخر عن مجاهد. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١١٩ إلى ابن المنذر. وعند الثوري: ألا تضلوا.