يقولُ تعالى ذكرُه: فلما نكَثوا عهودَهم ﴿انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ يقولُ: انتصَرنا منهم بإحلالِ نِقْمَتِنا بهم، وذلك عذابُه ﴿فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾. وهو البحرُ. كما قال ذو الرُّمَّةِ (٢):
داوِيَّةٌ ودُجَى لَيْلٍ كأنهما … يمٌّ تَراطَنُ في حافَاتِه الرومُ
وكما قال الراجزُ (٣):
كباذخِ اليمِّ سقاه اليمُّ
﴿بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾. يقولُ: فعلنا ذلك بهم بتكذيبِهم بحُجَجِنا وأعلامِنا التي أريناهموها، ﴿وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾. يقولُ: وكانوا عن النقمةِ التي أحللناها بهم غافلين قبلَ حلولِها بهم أنها بهم حالَّةٌ.
والهاء والألف في قولِه: ﴿عَنْهَا﴾ كنايةٌ مِن ذكرِ "النقمةِ"، فإن قال قائلٌ: هي كنايةٌ مِن ذكرِ "الآياتِ". ووجَّه تأويلَ الكلامِ إلى: وكانوا عن آياتِنا معرضين.
(١) تقدم بتمامه في ٣٨٧، ٣٨٨، وأخرج هذا الجزء ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٥١ (٨٨٩٣) من طريق عمرو بن حماد به. (٢) ديوانه ١/ ٤١٠. (٣) هو العجاج، والرجز في ديوانه ص ٤٢٧.