قلتُ لعطاءٍ: المُماسَحَةُ (١)، بَيْعٌ هي؟ قال لا، حتى يُخَيِّرَه، التَّخْيِيرُ بعدَما يَجِبُ البيعُ؛ إن شاء أخَذ، وإن شاء ترَك.
واختلَف أهلُ العلم في معنى التراضى في التجارةِ؛ فقال بعضُهم: هو أن يُخَيَّرَ كلُّ واحدٍ من المُتَبايِعَيْنِ بعدَ عَقْدِهما البيعَ بينَهما فيما تَبَايَعا فيه؛ مِن إمضاءِ البيعِ أو نَقْضِه، أو يَتَفرَّقا عن مجلسِهما - الذي تَواجَبًا فيه البيعَ بأبدانِهما - عن تَرَاضٍ منهما بالعَقْدِ الذي تَعاقَداه بينهما قبلَ التَّفاسُخِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن بشارٍ قال: ثنا معاذُ بنُ هشامٍ، قال: ثنى أبي، عن قتادةَ، عن محمدِ بن سيرينَ، عن شُرَيحٍ، قال: اخْتَصَم رجلان، باع أحدُهما مِن (٢) الآخرِ بُرْنُسًا، فقال: إنى بِعْتُ مِن هذا بُرْنُسًا، فَأَرْضَيتُه (٣) فلم يُرْضِنى. فقال: أَرْضِه كما أرْضاك. قال: إني قد أعطَيْتُه دراهمَ ولم يَرْضَ. قال: أَرْضِه كما أرْضاك. قال: قد أَرْضَيْته فلم يَرْضَ. فقال: البَيِّعان (٤) بالخيارِ ما لم يَتَفَرَّقا (٥).
حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا مُؤَمَّلٌ، قال: ثنا سفيانُ، عن عبدِ اللهِ بن أبي السَّفَرِ، عن الشَّعْبِيِّ، عن شُرَيحٍ، قال: البَيِّعان بالخيارِ ما لم يَتَفَرَّقا (٦).
(١) المماسحة من: تَمَاسَحَا: إذا تَبَايَعا فتَصافَقَا. ينظر تاج العروس (م س ح). (٢) باع منه: باع له. ينظر اللسان (ب ى ع). (٣) في م: "فاسترضيته". (٤) البيعان: هما البائع والمشترى، يقال لكل واحدٍ منهما: بَيِّع وبائع. النهاية ١/ ١٧٣. (٥) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٤٢٦٩)، ووكيع في أخبار القضاة ٢/ ٣٣٩ من طريق ابن سيرين به. (٦) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٤٢٧١) وابن أبي شيبة ٧/ ١٢٦، ووكيع في أخبار القضاة ٢/ ٢٤٦، ٢٦٠ من طريق سفيان الثورى به.