أهلِ المدينةِ (١) بمعنى: ولن تُغنيَ عنكم فئتُكم شيئًا ولو كثُرت، وأن اللهَ مع المؤمنين. فعطَف بـ "أن" على موضعِ "ولو كثُرت" كأنه قال: لكثرتِها، ولأن اللهَ مع المؤمنين. ويكونُ موضعُ "أن" حينئذٍ نصبًا على هذا القولِ.
وقد كان بعضُ أهلِ العربيةِ يزعُمُ أن فتحَها إذا فُتحت على: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ عطفًا بالأخرى على الأولى.
وقرأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفيين والبصريين:(وإن اللهَ) بكسرِ الألفِ على الابتداءِ (٢)، واعتلوا بأنها في قراءة عبدِ اللهِ [(واللهُ مع المُؤمِنينَ)] (٣).
وأولى القراءتين بالصوابِ قراءةُ مَن كسَر "إن" على الابتداءِ (٤)؛ لتقضِّى الخبرِ قبل ذلك عمَّا يَقْتضى قولُه:(وَإِنَّ اللهَ مَعَ المُؤْمِنِينَ).
يقولُ تعالى ذكرُه: يا أيُّها الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ فيما أمرَكم به، وفيما نهاكم عنه، ﴿وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾. يقولُ: ولا تُدْبِروا عن رسولِ اللهِ ﷺ، مخالفين أمرَه ونهيَه، ﴿وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ أمرَه إيَّاكم ونهيَه، وأنتم به مؤمنون.
كما حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
(١) قرأ بها نافع وابن عامر وحفص عن عاصم. السبعة في القراءات ص ٣٠٥. (٢) قرأ بها ابن كثير وعاصم -في رواية أبي بكر- وأبو عمرو وحمزة والكسائي. ينظر السابق. (٣) في م ومعاني القرآن ١/ ٤٠٧: "وإن الله لمع المؤمنين"، وينظر كتاب المصاحف لابن أبي داود ص ٦٢، والبحر المحيط ٤/ ٤٧٩. (٤) القراءتان كلتاهما صواب.