وإنما قال اللَّهُ جلّ ثناؤه لنبيِّه محمدٍ ﷺ يُعرِّفُه أن قتلَ المشركين الذين أَسَرَهم ﷺ يومَ بدرٍ ثم فادَى بهم، كان أوْلي بالصوابِ من أَخْذِ الفِدية منهم وإطْلاقِهم.
وقوله: ﴿حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: حتى يُبالغَ في قتلِ المشركين فيها، ويَقْهَرَهم غَلَبةً وقَسْرًا.
يقال منه: أَثْخَنَ فلانٌ في هذا الأمرِ. إذا بالَغَ فيه. وحُكِى: أَنْخَنتُه معرفةً. بمعنى: قتلتُه معرفةً.
﴿تُرِيدُونَ﴾. يقولُ للمؤمنين مِن أصحابِ رسولِ اللَّهِ ﷺ: تُريدون أيُّها المؤمنون ﴿عَرَضَ الدُّنْيَا﴾ بأسْرِكمُ المشركين، وهو ما عَرضَ للمرءِ (١) منها مِن مالٍ ومتاعٍ. يقولُ: تُرِيدون بأَخْذِكم الفداءَ مِن المشركين متاعَ الدنيا وطُعْمَها، ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾. يقولُ: واللَّهُ يريدُ لكم زينةَ الآخرةِ وما أعدَّ للمؤمنين وأهلِ ولايتهِ في جناتِه، بقَتْلِكم إياهم وإثْخانِكم في الأرضِ. يقولُ لهم: واطلُبوا ما يريدُ اللَّهُ لكم وله اعمَلوا، لا ما تَدْعوكم إليه أهواءُ أنفسِكم مِن الرغبةِ في الدنيا وأسبابِها، ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ﴾. يقولُ: إن أنتم أردتُم الآخرةَ لم يَغْلبْكم [عدوٌّ لكم](٢)؛ لأن اللَّهَ عزيزٌ لا يُقْهَرُ ولا يُغلَبُ، وأنه ﴿حَكِيمٌ﴾ في تَدْبِيرِه أَمرَ خلقِه.
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن
(١) سقط من: ت ٢. وفي س: في: "للمشركين". (٢) في ت ٢: "عدوكم".