يقولُ تعالى ذكرُه: الله ذو لطفٍ بخلقِه (١)، يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ فَيُوَسِّعُ عليه، ويَقتُرُ على مَن يَشَاءُ منهم، ﴿وَهُوَ الْقَوِيُّ﴾ الذي لا يَغْلِبُه ذو [أَيْدٍ لشدتِه](٢)، ولا يَمتَنِعُ عليه إذا أراد عقابه بقدرته، ﴿الْعَزِيزُ﴾ في انتقامه إذا انْتَقَم مِن أهلِ معاصِيه.
﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: من كان يُرِيدُ بعمله الآخرة، ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾. يقولُ: نَزِدْ له في عمله الحسنِ، فنَجْعَلْ له بالواحدةِ عَشْرًا، إلى ما شاء ربُّنا من الزيادةِ، ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾. يقولُ: ومَن كان يُرِيدُ بعمله الدنيا، ولها يَسْعَى، لا للآخرةِ، نُؤْتِه منها ما قسَمْنا له منها، ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾. يقولُ: وليس لمن طلب بعملِه الدنيا، ولم يُرِدِ الله به، في ثوابِ اللهِ لأهلِ الأعمالِ التي أرادوه بأعمالهم في الدنيا - حظٌّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ إلى: ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾. قال: يقولُ: مَن كان إنما يَعْمَلُ للدنيا نُؤْتِه منها (٣).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ
(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بعباده". (٢) في الأصل: "يد بشدته". (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٥ إلى المصنف وعبد بن حميد.