وقيل: ﴿وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾. معناه: ويؤمنُ المؤمنين؛ لأن العربَ تقولُ، فيما ذُكِر لنا عنها: آمنتُ له، وآمنتُه. بمعنى: صَدَّقتُه، كما قيل: ﴿رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ﴾ [النمل: ٧٢]. ومعناه: رَدِفَكم. وكما قال: ﴿لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٤]. ومعناه: للذين هم ربَّهم يَرْهَبون.
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المُثَنَّى، ثنى عبدُ اللهِ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباس: ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾. يعنى: يُؤمِنُ باللَّهِ، ويُصَدِّقُ المؤمنين (١).
وأما قوله: ﴿وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾، فإن القرأةَ اختَلَفَت في قراءتِه؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ (٢) الأمصارِ: ﴿وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ (٣)، بمعنى: قل هو أذنُ خيرٍ لكم، وهو رحمةٌ للذين آمَنوا منكم. فرفع الرحمةَ عطفًا بها على الأُذُنِ.
وقرأه بعضُ الكوفيين:(وَرَحْمَةٍ)(٤) عطفًا بها على الخيرِ (٥)، بتأويلِ: قل أذنُ خيرٍ لكم وأُذُن رحمةٍ.
قال أبو جعفرٍ،﵀: وأَوْلى القراءتَين بالصوابِ في ذلك عندى قراءةُ مَن قرَأه: ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ بالرفعِ (٦) عطفًا بها على الأُذُنِ، بمعنى: وهو رحمةٌ للذين آمَنوا
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٢٧، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٥٣ إلى ابن المنذر وابن مردويه. (٢) سقط من: م. (٣) هذه قراءة السبعة إلا حمزة. ينظر السبعة ص ٣١٥ وحجة القراءات ص ٣٢٠. (٤) هذه قراءة حمزة. السبعة ص ٣١٥. (٥) في ص: "الجر"، وفى ت ٢، س، ف: "الخير". (٦) القراءتان كلتاهما صواب.