يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: لا تَقُمْ، يا محمدُ، في المسجدِ الذي بَناه هؤلاء المنافقون، ضِرارًا وتفريقًا بينَ المؤمنين، وإرصادًا لمَن حارَب الله ورسولَه. ثم أقسَم جلَّ ثناؤُه، فقال: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ﴾، أنت ﴿فِيهِ﴾.
يعني بقولِه: ﴿أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى﴾: ابْتُدِئَ أساسُه وأصلُه على تَقْوى اللهِ وطاعتِه. ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾ ابْتُدِئَ بناؤه (١)، ﴿أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾. يقولُ: أَوْلى أن تقومَ فيه مُصَلِّيًا للهِ.
وقيل: معنى قولِه: ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾: منذُ (٢) أولِ يومٍ، كما تقولُ العربُ: لم مِنْ أرَه مِن يومِ كذا. بمعنى: منذُ (٣)، و ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾ يرادُ به: مِن أَوَّلِ الأيامِ، كقولِ القائلِ: لَقِيتُ كلَّ رجلٍ بمعنى: كلَّ الرجالِ.
واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في المسجدِ الذي عَناه بقوله: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾، فقال بعضُهم: هو مسجدُ رسولِ اللهِ ﷺ الذي فيه مِنْبَرُه وقبرُه اليومَ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبو مُعاوية، عن إبراهيمَ بن طَهْمانَ، عن عثمانَ بن
(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "في بنائه". (٢) في م، ت ١، ت ٢، س: "مبدأ". (٣) في م: "مبدؤه".