ﷺ ذاتَ ليلةٍ إلى الصُّبح يُكلِّمونه ويُفخِّمونه ويُسوِّدونه ويُقارِبونَه، وكان في قولِهم أن قالوا: إنَّك تأتى بشيءٍ لا يأتى به أحدٌ من الناسِ، وأنت سيِّدُنا وابنُ سيدِنا. فما زالوا يكلِّمونَه حتى كاد أن يُقارِفَهم (١)، ثم مَنَعَه اللهُ وعَصَمه مِن ذلك، فقال: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ (٢).
حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ﴾. قال: أطافوا به ليلةً، فقالوا: أنت سيِّدُنا وابنُ سيدِنا فأرادوه على بعضِ ما يُريدون، فهَمَّ أن يُقارِبَهم (١) في بعضِ ما يُريدُون، ثم عصَمه اللهُ، فذلك قولُه: ﴿لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾؛ الذي أرادوا، فهَمَّ أن يُقارِبَهم (٣) فيهِ (٤).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ. قال: قالوا له: ائتِ آلهتَنَا فامْسَسْها. فذلك قولُه: ﴿شَيْئًا قَلِيلًا﴾.
وقال آخرون: إنما كان ذلك أن رسولَ اللهِ ﷺ هَمَّ أَن يُنْظِرَ قومًا بإسلامِهم إلى مدةٍ سَأَلوه الإنْظارَ إلَيها.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
(١) في ت ١، وتفسير القرطبي: "يقاربهم"، وفى ت ٢، ف: "يفارقهم". وقارَفَه: قاربه، ولا تكون المقارفة إلا في الأشياء الدَّنِيَّة. تاج العروس (ق ر ف). (٢) ذكره القرطبي في تفسيره ١١/ ٢٩٩ عن قتادة. (٣) في م: "يقارفهم"، وفى ت ٢: "يفارقهم". (٤) تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٨٣ عن معمر به.