﴿وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾. يقولُ: ولكن أقاموا على تكذيبهم رسلَهم، وأَصَرُّوا على ذلك، واسْتَكْبَروا عن أمر ربِّهم؛ اسْتِهانةً بعقاب الله، واسْتِخْفافًا بعذابه، وقَساوةَ قلبٍ منهم، ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. يقولُ: وحسَّن لهم الشيطانُ ما كانوا يَعْمَلون من الأعمالِ التي يَكْرَهُها الله ويَسْخَطُها منهم.
يعنى تعالى ذكره بقوله: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾: فلما ترَكوا العملَ بما أمَرْناهم به على ألسن رسلِنا.
كالذي حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بن صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليِّ بن أبي طلحةَ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾. يعني: ترَكوا ما ذُكِّروا به (٢).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ قولَه: ﴿نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾. قال: ما دعاهم الله إليه ورسلُه أبَوْه وردُّوه عليهم (٣).
﴿فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾. يقول: بدَّلْنا مكان البأساءِ الرخاءَ والسَّعَةَ في العيشِ، ومكانَ الضراءِ الصحةَ والسلامةَ في الأبدانِ والأجْسامِ؛ اسْتِدْراجًا منَّا لهم.
(١) ينظر ما تقدم في ٣/ ٩٠، ٩١. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٩٠ (٧٢٨٢) من طريق أبي صالح به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١١ إلى ابن المنذر. (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١١ إلى المصنف وابن المنذر.