القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾.
يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ﴾: وما كنت يا محمدُ عندَهم فتَعْلَمَ ما نُعَلِّمُكَه مِن أخبارِهم التي لم تَشْهَدْها، ولكنك إنما تُعَلَّمُ ذلك فتُدْرِكُ معرفتَه بتعريفِناكَه.
وأمَّا "أقلامهم" فسهامُهم التي اسْتَهَم بها المستهِمون مِن بني إسرائيلَ على كَفالةِ مريمَ، على ما قد بيَّنَّا قبلُ في قولِه: ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾ (٣)[آل عمران: ٣٧].
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا هشامٌ، عن (٤) عمرٍو، عن (٥) سعيدٍ، عن قتادة في قوله: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ﴾. يعني محمدًا ﷺ(٦).
حدَّثني محمد بنُ عَمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهد: ﴿يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ﴾: زكريا وأصحابُه اسْتَهَموا بأقلامِهم
(١) في ص، س: "توراة". (٢) النَّمْنَمَة: خطوط متقاربة قصار شبه ما تُنَمْنِم الريح دُقاق التراب، وكتاب مُنَمْنَم: مُنَقَّش. اللسان (ن م م). (٣) تقدم في ص ٣٤٥، ٣٤٦. (٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بن". وسيأتي على الصواب في ٥/ ٣١٨، ٩/ ١٨١، ١١/ ٨٠. (٥) في س: "بن". (٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٤ إلى المصنف.