قولُه: ﴿فَارْجِعُوا﴾. يقولُ: فارْجِعوا إلى منازِلِكم. أمرَهم بالهربِ من عسكرِ رسولِ اللهِ ﷺ، والفرارِ منه، وتركِ رسولِ اللهِ ﷺ.
وقيل: إن ذلك مِن قِيلِ أوسِ بن قَيْظِيٍّ ومَن وافَقَه على رأيِه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: ثني يزيدُ بنُ رُومَانَ: ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ﴾ إلى قولِه: ﴿فِرَارًا﴾. يقولُ: أَوسُ بنُ قَيْظِيٍّ ومَن كان على ذلك مِن رأيِه مِن قومِه (١).
والقرأةُ على فتحِ الميمِ مِن قولِه:(لا مَقامَ لكم). بمعنى: لا موضعَ قيامٍ لكم، وهي القراءةُ التي لا أَسْتَجِيزُ القراءةَ بخلافِها؛ لإجماعِ الحجةِ من القرأةِ عليها. وذُكِر عن أبي عبدِ الرحمنِ السُّلَميِّ أنه قرَأ ذلك: ﴿لَا مُقَامَ لَكُمْ﴾. بضمِّ الميمِ (٢)، يعنى: لا إقامةَ لكم.
وقولُه: ﴿وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ويَسْتَأْذِنُ بعضُهم رسولَ اللهِ ﷺ في الإذنِ بالانصرافِ عنه إلى منزله، ولكنه يُرِيدُ الفِرارَ والهربَ مِن عسكرِ رسولِ اللهِ ﷺ.
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
(١) سيرة ابن هشام ٢/ ٢٢٢، ٢٤٦، وأخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٥٧٠ مطولا عن ابن حميد، عن سلمة، عن ابن إسحاق من قوله، وذكره القرطبي في تفسيره ١٤/ ١٤٨. (٢) وهى قراءة نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وعاصم في رواية أبي بكر، وحمزة، والكسائي. وقراءة الضم هي قراءة عاصم في رواية حفص، وهى قراءة متواترة. وينظر السبعة ص ٥٢٠، والتيسير ص ١٤٥.