المُسْتَعجِلوه بالعذابِ - أنَّا نأتى الأرضَ نُخَرِّبُها مِن نواحِيها بقَهْرِنا أَهْلَها، وغَلَبَتِناهم، وإجلائِهم عنها، وقَتْلِهم بالسيوفِ، فيَعْتَبِروا بذلك ويَتَّعِظُوا بهِ، ويَحْذَروا مِنَّا أن نُنْزِلَ من بأسِينا بهم نحوَ الذي قد أَنْزَلْنا بمَن فَعَلْنا ذلك بهِ مِن أهلِ الأطرافِ.
وقد تقدَّم ذكرُ القائلين بقولِنا هذا ومخالِفيه، بالرِّواياتِ عنهم في سورةِ "الرَّعدِ" بما أغنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (١).
وقولُه: ﴿أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾. يقولُ ﵎: أفهؤلاء المُشرِكون المُسْتَعجِلون محمدًا بالعذابِ الغَالِبُونا؟ وقد رأوا قَهْرَنَا مَن أَحْلَلَنا بِساحتِه بِأسَنا في أطرافِ الأَرْض، ليس ذلك كذلك، بل نحن الغالِبُون.
وإنَّما هذا تقريعٌ مِن اللهِ تعالى لهؤلاءِ المُشرِكين بهِ بجهلِهم، يقولُ: أفيظُنُّون أنَّهم يَغْلِبون محمدًا ويَقْهَرُونه، وقد قُهِر مَن ناوأه مِن أهلِ أطرافِ الأرضِ غيرُهم.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾. يقولُ: ليسوا بغَالِبين، ولكِنَّ رسولَ اللهِ ﷺ هو الغالبُ (٢).