أمرَ المسرفين على أنفسِهم، في تمادِيهم في معصيةِ اللهِ، واجترائِهم على سَخَطِه،
وهم الرهْطُ التسعةُ الذين كانوا يُفْسِدون في الأرضِ ولا يُصلِحون، من ثمودَ، الذين وصَفهم اللهُ جلَّ ثناؤُه بقوله: ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ [النمل: ٤٨]. يقولُ: الذين يسعَون في أرضِ اللهِ بمعاصيه، ﴿ولا يُصلِحون﴾. يقولُ: ولا يُصلِحون أنفسَهم بالعملِ بطاعةِ اللهِ.
وقولُه: ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِه؛ فقال بعضهم: معناه: إنما أنت من المسحورين.
ذكرُ مَنْ قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءٌ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾. قال: من المسحورين (١).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.
حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قتَادةَ في قوله: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾. قال: إنما أنت من المسحورين (٢).
وقال آخرون: معناه: من المخلوقين.
(١) تفسير مجاهد ص ٥١٣، ومن طريقه الفريابي - كما في التغليق ٤/ ٢٧٣، وابن أبي حاتم في تفسيره ٢٨٠. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩٢ إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر. (٢) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٧٥، ولفظه: الساحرين. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩٢ إلى عبد بن حميد.