اخْتَلف أهلُ التأويلِ في المعنيِّ بـ ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ في هذا الموضعِ، والمرادِ بقولِه: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾؛ فقال بعضُهم: المعنيُّ بـ ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ اليهودُ، وبـ "الذين لا يعقِلون" أهلُ الأوثانِ.
حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبو أسامةَ، عن سفيانَ، عن داودَ بن أبي هندٍ، عن محمدِ بن أبي موسى: ﴿وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾. قال: أهلُ الكتابِ، ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾. قال: أهل الأوثانِ (١).
وقال آخرون: بل هم أهلُ ملةٍ واحدةٍ، ولكنَّ المفترين المَتْبوعون، والذين لا يعقلِون الأتباعُ.
ذكرُ من قال ذلك
حُدِّثتُ عن الحسينِ بن الفرجِ، قال: سمِعتُ أبا معاذ، قال: ثنا خارجةُ، عن داودَ بن أبي هندٍ، عن الشعبيِّ في قولِه: ﴿وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾: هم الأتباعُ، وأما الذين افْتَرَوا (٢) فعقَلوا أنهم افْتَروا (٣).
وأَوْلَى الأقوالِ في ذلك عندَنا بالصوابِ أن يقالَ: إن المعنيِّين بقولِه: ﴿وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾: الذين بحَروا البحائرَ، وسيَّبوا السوائبَ،
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٢٤ (٦٩٠٨) من طريق أبي أسامة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٣٩ إلى أبى الشيخ وابن أبي شيبة وابن المنذر. (٢) في م: "يعقلون". (٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٢٥ (٦٩١١) من طريق أبي معاذ به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٣٩ إلى ابن المنذر.