لَغَطًا شديدًا، حتى خِفْتُ على نبيِّ اللهِ ﷺ، ثم تلا القرآنَ، فلما رجع نبيُّ اللهِ قلتُ: يا يا نبيَّ اللهِ، ما اللغَطُ الذي سمِعتُ؟ قال:"اجتمَعوا إليَّ في قتيلٍ كان بينَهم". فقَضَى بينَهم بالحقِّ (١).
ذُكِر لنا (٢) أن ابنَ مسعودٍ لما قدِم الكوفةَ رأى شيوخًا شُمْطًا من الزُّطِّ فراعُوه (٣)، قال: مَن هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء نفرٌ مِن الأعاجمِ، قال: ما رأيتُ لِلَّذين قرَأ عليهم النبيُّ ﷺ الإسلامَ من الجنِّ شَبَهًا أدنى من هؤلاء.
حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة أن نبيَّ اللهِ ﷺ ذهَب وابنُ مسعودٍ ليلة دعا الجنَّ، فخطَّ النبيُّ ﷺ على ابن مسعودٍ خطًّا، ثم قال له:"لا تَخْرُج منه". ثم ذهَب النبيُّ ﷺ إلى الجنِّ، فقرَأ عليهم القرآنَ، ثم رجَع إلى ابن مسعودٍ فقال:"هل رأَيْتَ شيئًا؟ ". قال: سمِعتُ لَغَطًا شديدًا. قال:"إن الجنَّ تدارَأت في قتيلٍ قُتِل بينَها". فقَضَى بينهم بالحقِّ، وسألوه الزادَ، فقال:"كلُّ عَظمٍ لكم عَرْقٌ، وكلُّ رَوْثٍ لكم خَضِرةٌ". قالوا: يا رسولَ اللهِ تُقذِّرها الناسُ علينا. فنهَى النبيُّ ﷺ أن يُسْتَنْجَى بأحدِهما. فلما قدِم ابن مسعودٍ الكوفةَ رأى الزُّطِّ، وهم قومٌ طِوالٌ سودٌ، فأفزَعوه، فقال: أظَهَروا؟! فقيل له: إن هؤلاء قومٌ من الزُّطِّ. فقال: ما أشبَههم بالنفرِ الذين صُرِفوا إلى النبيِّ ﷺ(٤).
قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن عبدِ اللهِ بن عمرِو بن غَيلانَ الثقفيِّ، أنه قال لابنِ مسعودٍ: حُدِّثتُ أنك كنتَ مع رسولِ اللهِ ﷺ ليلةَ وفْدِ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره - كما في تفسير ابن كثير ٧/ ٢٧٩ من طريق سعيد به. (٢) القائل هو قتادة. وينظر تفسير البغوي ٧/ ٢٦٨. (٣) الشمَط: بياضُ شعر الرأس يخالط سواده. والزط: جيل من الناس، من السودان، وقيل: من الهند. طوال مع نحافة، وراعوه: أفزعوه. وينظر التاج (ش م ط، ز ط ط، ر و ع). (٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢١٨، ٢١٩ عن معمر به.