من الأوثانِ آنَسْنا وحشتَه من فراقِهم، وأبدَلناه منهم مَن (١) هو خيرٌ منهم وأكرمُ على اللهِ منهم، فوهَبنا له ابنَه إسحاقَ، وابنَ ابنِه يعقوبَ بنَ إسحاقَ، ﴿وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾. يقولُ: وجعلناهم كلَّهم -يعنى بالكلِّ إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ- أنبياءَ. وقال تعالَى ذكرُه: ﴿وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾. فوحَّد ولم يقلْ: أنبياءَ. لتوحيدِ لفظ كلٍّ،
﴿وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا﴾. يقولُ جلَّ ثناؤه: ورزَقنا جميعَهم -يعنى إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ- من رحمتِنا. وكان الذى وهَب لهم من رحمتِه ما بسَط لهم فى عاجلِ الدنيا من سَعةِ رزقه، وأغناهم بفضلِه.
وقولُه: ﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ورزَقناهم الثناءَ الحسنَ، والذكرَ الجميلَ من الناسِ.
كما حدَّثني علىٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا﴾. يقولُ: الثناءُ الحسنُ (٢).
إنِّي أَتَتْنِي لِسانٌ لا أُسَرُّ بِهَا … مِنْ عَلْوَ لا عَجَبٌ مِنْها وَلا سَخَرُ
ويُروَى: لا كَذِبٌ فيها ولا سَخَرُ.
(١) في الأصل، م: "بمن". (٢) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٢٧٢ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم. (٣) البيت الأول فى التعازي والمراثى ص ١٤، وجمهرة أشعار العرب ٢/ ٧١٤، وأمالي المرتضى ٢/ ٢٠، واللسان (ل س ن). وهو في الأصمعيات ص ٨٨، وأمالي اليزيدى ص ١٣ برواية تسقط الاستشهاد به. والثاني في الأصمعيات ص ٨٨، وجمهرة أشعار العرب ٢/ ٧١٤، وأمالي المرتضى ٢/ ٢٠، وأمالي اليزيدي ص ١٤ بروايات مختلفة.