حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾ قال: جعَلوه أعضاءً، كما تُعَضَّى الشاةُ؛ قال بعضُهم: كَهانةٌ. وقال بعضُهم: هو سحرٌ. وقال بعضُهم: هو (١) شِعْرٌ. وقال بعضُهم: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا﴾ الآية [الفرقان: ٥]. جعَلوه أعضاءً كما تُعَضَّى الشاةُ.
فوجَّه قائلو هذه المقالةِ قولَه: ﴿عِضِينَ﴾. إلى أن واحدَها عُضْوٌ، وأن عِضِينَ جمعُه، وأنه مأخوذٌ مِن قولِهم: عَضَّيتُ الشيءَ تَعْضِيةً، إذا فرَّقتَه. كما قال رُؤْبةُ (٢):
وقال آخرون: بل هي جمعُ عِضَةٍ، جُمِعت (٥) عِضِين كما جُمِعت البُرَةُ بُرِين، والعِزَةُ عِزِين. فإذا وُجِّه ذلك إلى هذا التأويلِ، كان أصلُ الكلمةِ (٦) عِضَهَةً، ذهَبت هاؤُها الأصليةُ (٧)، كما نقَصُوا الهاءَ مِن الشَّفَةِ وأصلُها شَفَهَةٌ، ومِن الشاةِ
(١) سقط من: م. (٢) ديوانه ص ٨١. (٣) في م: "فغيرا"، وعزّ أغبر: ذاهب دارس. اللسان (غ ب ر). (٤) كذا في النسخ بالإسناد إلى المثنى، وعضَّى وأرضى مسندان إلى المفرد، ولعل سبب ذلك الألف في "فغبرا" وهي لإطلاق القافية. (٥) في ص، ف: "جمع". (٦) في م: "الكلام". (٧) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "الأصل".