وبنحوِ الذي قلنا في ذلك، قال أهلُ التأويلِ، على اختلافٍ منهم في اسمِ الذي كان المشركون يزعُمون أنه يُعَلِّمُ محمدًا هذا القرآنَ من البشرِ؛ فقال بعضُهم: كان اسمَه بَلْعامُ، وكان قَيْنًا (١) بمكةَ نصرانيًّا.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني أحمدُ بنُ محمدٍ الطَّوسِيُّ، قال: ثنا أبو عامرٍ (٢)، قال: ثنا إبراهيمُ بنُ طَهْمانَ، عن مسلمِ بن عبدِ اللهِ المُلائيِّ، عن مجاهدٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: كان رسولُ اللهِ ﷺ يُعلِّمُ قَيْنًا بمكةَ، وكان أعجميَّ اللسانِ، وكان اسمَه بَلْعامُ، فكان المشركون يروْن رسولَ اللهِ ﷺ حينَ يدخُلُ عليه، وحينَ يَخرُجُ مِن عندِه، فقالوا: إنما يُعَلِّمُه بَلْعامُ. فأنْزَل اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ (٣).
وقال آخرون: اسمُه يعيشُ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا أبي، عن سفيانَ، عن حَبيبٍ، عن عكرمةَ، قال: كان النبيُّ ﷺ يُقْرِئُ غلامًا لبنى المُغيرةِ أعجميًّا. قال سفيانُ: أُراه يُقالُ له: يَعيشُ. قال: فذلك قولُه: ﴿لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ
(١) القَيْن: العَبْد، والحَدَّاد. القاموس المحيط (ق ى ن). (٢) في النسخ: "عاصم". والمثبت من تفسير ابن كثير. وينظر الجرح والتعديل ٢/ ١٠٧، وتهذيب الكمال ٢/ ١٠٨. (٣) ذكره البغوى فى تفسيره ٥/ ٤٤، ونقله ابن كثير عن المصنف في تفسيره ٤/ ٥٢٣، كما عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٣١ إلى المصنف وابن أبي حاتم وابن مردويه.