وأولى الأقوالِ في ذلك بالصحةِ قولُ مَن قال: عُنِى بقولِه: ﴿قَالَ كَبِيرُهُمْ﴾ رُوبيلُ؛ لإجماعِ جميعِهم على أنه كان أكبرَهم سنًّا، ولا تَفْهَمُ العربُ في المخاطَبَةِ - إذا قيل لهم: فلانٌ كبيرُ القومِ. مطلقًا بغيرِ وصلٍ - إلا أحدَ مَعْنَيَيْن؛ إما في الرِّياسةِ عليهم والسؤدَدِ، وإما في السنِّ؛ فأما في العقلِ فإنهم إذا أرادوا ذلك وصَلوه، فقالوا: هو كبيرُهم في العقلِ. فأما إذا أُطْلِق بغيرِ صلتِه بذلك، فلا يُفْهَمُ إلا ما ذكَرْتُ.
وقد قال أهلُ التأويلِ: لم يكن لشِمْعُونَ - وإن كان قد كان مِن العلمِ والعقلِ بالمكانِ الذي جعَله اللَّهُ به - على إخوتِه رياسةٌ وسُؤْدَدٌ، فيُعْلَمَ بذلك أنه عُنِى بقولِه: ﴿قَالَ كَبِيرُهُمْ﴾.
فإذ (٢) كان ذلك كذلك، فلم يَبْقَ إلا الوجهُ الآخرُ؛ وهو الكِبَرُ في السنِّ، وقد قال الذين ذكَرْنا جميعًا: رُوبيلُ كان أكبرَ القومِ سنًّا. فصحَّ لذلك (٣) القولُ الذي اخْتَرْناه.
وقولُه: ﴿أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ﴾. يقولُ: ألم تَعْلَموا أيُّها القومُ أن أباكم يعقوبَ قد أخَذ عليكم عهودَ اللَّهِ ومواثيقَه لنأتِيَنَّه به (٤) جميعًا، إلا أن يُحاطَ بكم، [﴿وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ﴾](٥) ومِن قبلِ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٨١، ٢١٨٢ (١١٨٥٥) من طريق سلمة به. (٢) في م: "فإذا". (٣) في م: "بذلك". (٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "بهم". (٥) سقط من النسخ، وسياق الكلام يقتضى هذه الزيادة.