الخلقُ، وهى فَعِيلةٌ بمعنى مفعولةٍ، غيرَ أنها لا تُهْمَزُ، كما لا يُهْمَزُ "مَلَكٌ"، وهو مِن " [لأكْتُ"؛ لأنه] (١) جرَى بتركِ الهمزِ كذلك. كما قال نابغةُ بنى ذُبْيانَ (٢).
إلا سُليمانَ إذ قال الإلهُ (٣) له … قُمْ في البَرِيَّةِ فاحْدُدْها (٤) عن الفَنَدِ (٥)
وقد قيل: إن البَرِيَّةَ إنما لم تُهْمَزْ لأنها فعيلةٌ مِن البَرَى، والبَرَى الترابُ، فكأنَّ تأويلَه على قولِ مَن تأوَّله كذلك أنه مخلوقٌ مِن الترابِ.
وقال بعضُهم: إنما أُخِذَت البَرِيَّةُ مِن قولِك: بَرَيْتُ العودَ. فلذلك لم يُهْمَزْ.
قال أبو جعفرٍ: وتركُ الهمزِ مِن "بارئِكم" جائزٌ، والإبْدالُ منها جائزٌ. فإذ كان ذلك جائزًا في "بارِئِكم"، فغيرُ مُسْتَنْكَرٍ أن تكونَ البَرِيَّةُ مِن: بَرَى اللهُ الخلقَ. بتركِ الهمزةِ.
وأما قولُه: ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ﴾. فإنه يعنى بذلك: توبتُكم بقتلِكم أنفسَكم، وطاعتُكم ربَّكم، خيرٌ لكم عندَ بارئِكم؛ لأنكم تَنْجُون بذلك مِن عقابِه في الآخرةِ على ذنبِكم، وتَسْتَوْجِبون به الثوابَ منه.
وقولُه: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾. [يقولُ: فتاب اللهُ عليكم](٦) بما فعَلْتُم مما أمَرَكم به
(١) في م: "لأك، لكنه". (٢) ديوانه ص ١٣. (٣) في ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "المليك". (٤) حد الرجل عن الأمر يحده حدا: منعه وحبسه، تقول: حددت فلانا عن الشر. أى منعته. اللسان (ح د د). والبيت فيه. (٥) الفَنَد: الخطأ في القول والرأى. تاج العروس (ف ن د). (٦) في م: "أى".